يبدو انك لم تقرأ العنوان جيداً ....... وإذا كنت قد قرأته ....إذن لماذا دخلت ؟؟
.
.........آآآه.......... نسيت .........
انه الفضول وحب الاستطلاع لديك على كل شيء وخصوصاً ماهو ممنوع ، أليس كذلك؟.
إذن فقد نجحت خطتي في استدراجك لقراءة موضوعي .....
وهو موضوع مهم من وجهة نظري لان هناك من يعتبره مشكلة اجتماعية سائدة لدى الكثير من الناس.
فالإنسان مجبول بفطرته على اكتشاف ماحوله، فمنذ بداية البشرية وهو يبحث فيما حوله ..ينقب
ويجرب ويستكشف.
وهذا شيء جميل في الإنسان حيث يدفعه فضوله إلى أن يبحث عما يجلب له الخير والفائدة لان
حياته في الأساس كانت قائمة ومتوقفة على سعيه خلف ما يجره إليه فضوله.
ولكن هناك أمور عليه أن يتحاشاها أن كانت لا تخصه في شيء وبالتحديد أمور الناس الخاصة ،
ولكنه نسي أو تناسى أنها ليست مجالا للبحث والاكتشاف أو حتى الاطلاع عليها .
فكثيرا ما يحدث أن يحرجك أحدهم عندما يسألك أسئلة تدخل في قائمة الأسرار الخاصة بالنسبة
لك، والادهى أن يحاول معرفتها دون معرفتك بذلك.
وهناك من يتبع معك طريقة الإحراج كما ذكرنا ويكون متعمداً ويستخدم الفضول كطريق
للحوار....ولكن عندما تشعر بان الكلام بدأ يتخذ هذا المنحى فان من الحكمة عندما تشعر بالحرج من
ذلك أن تستخدم حقك في الرفض بكلمة:لا أو حق السكوت أو حتى تغيير الكلام إلى مجرى آخر
بحيث لا يسبب للطرف الآخر صدمة لا تليق بالأخلاق أو تمنع استمرار الحوار، ومن الجيد إذا استطعت
الإفلات من أسئلته الفضولية.
نأتي هنا إلى تعريف الفضول كما عرفه الشيخ النراقي في جامع السعادات بأنه: أعم من التكلم
بما لايعني، فالتكلم بما لايعني معناه: التكلم بما لا فائدة فيه أصلاً لا في الدين ولا في الدنيا. أما
الفضول فانه يشمل الخوض فيمالا يعني والزيادة فيما يعني.
والفضول نوعان:
1- الفضول المحمود: وهو حب الاستطلاع ، فمثلا نقول أن الكتابة فضول وهو
يعني الفضول الممنهج المقنن والمنظم وحب الاستطلاع معرفياً وليس ( التلصص
على الآخرين ومحاولة الاطلاع على أسرارهم ) وتعريفه : أن يتكلم الشخص بما
لو سكت عنه لم يأثم ولم يصبه ضرر أو تفته منفعة.
2-الفضول المذموم: وهو الذي بمعنى التدخل فيما لايعنيه من أمور الآخرين ،
فكم من فضول أدى إلى حلول المشاكل في بيوت الآخرين وهدم حياتهم، أما التدخل
أتجل الإصلاح أو المعروف فهو ليس فضولاً.
ويترتب على الفضول المذموم العديد من المساوئ منها :
1-تضييع الوقت وإهداره.
2-يمنع الإنسان من ذكر الله لانشغاله بأمور الناس.
3-يمنعه من التفكير فيما ينفعه دينا ودنيا.
4-يؤدي إلى الخوض في الباطل والكذب بالزيادة أو النقصان.
5-تخريب العلاقات الاجتماعية والإنساني..
والفضول ليس فقط في التدخل بأمور الناس ولكن في أن يجلب الشخص لنفسه الضرر
من باب التجريب ، حيث يدفعه فضوله إلى تجريب ماخفي عنه ، فمثلاً هناك من
جرب المخدرات بدافع الفضول وكانت نهايته .
وهناك من استخدم الإنترنت وحاول تجريب كل ما يقع عليه بصره وكل شيء يجذبه
مهما كان سيئاً وكان ذلك بدافع الفضول أيضا وبذلك جلب لنفسه المشاكل
والضرر.
وهنا يجب أن يتوقف الإنسان عن فضوله السيء وتحريكه باتجاه آخر ذو منحى طيب وسليم.
وهناك مثل إماراتي قديم يقول ( الفضول قتل العيوز) وهو يدعو إلى الابتعاد
عن صفة الفضول وللمثل قصة قديمة تشدد على النتائج السيئة من الفضول.
وهنا مثل آخر يقول ( اربط صبعك وكل بينعت لك دوا ) ، وهو يعطي نفس المعنى السابق.
إذا فالفضول طبع إنساني لاينكره أحد ولكنه مزعج في أحيان كثيرة عندما يصبح في قائمة التدخل بشؤون الآخرين دون طلب منهم.
والفضول صفة جيدة عندما يوجهها الشخص في الاتجاه الصحيح , مثال على ذلك
عندما يبحث ويستفسر في مجال عمله أو دراسته، ويحاول الوصول لمستوى افضل
فيها ، ومع ذلك فعلى طالب العلم أن يترك الفضول من الكلام والسماع والنظر
فيما لايعنيه والاقتصار على ما تدعو إليه حاجته ومصلحته من ذلك فقط، وعند
ذلك لانسمي تصرفه بالفضول ويمكننا اعتباره فضولا حميداً لو جاز التعبير .
ولكن ماهو السبيل إلى العلاج؟؟
سواء إن كنت أحد هؤلاء الفضوليين ، أو تعرف أحدهم فالحل يكون على مستويين مهمين :
1-على المستوى العلمي/ أن يتذكر الإنسان مساوئه وأنه مسؤول عن كل كلمة
يلفظها، قال تعالى ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) ، وأن أنفاسه أثمان
الجنان كما يقول الشاعر: فلا تشري بها لهباً في الحشر يشتعل.
2-أما على المستوى العملي/ أن يعود الإنسان لسانه على ترك بعض مما يعنيه من
الأمور ليتعود على ترك مالا يعنيه....... والتروي والتأني قبل الكلام
فالصمت حكمة كما يقال في كثير من الأحيان وكلنا سمع المثل القائل : إذا كان
الكلام من فضةٍ فالسكوت من ذهب.
أتمنى أن تجدوا في الموضوع الفائدة وأن لا أكون قد أثقلت عليكم بالقراءة،
ولكنني آمل أن أكون قد لملمت أطراف الموضوع بحيث أكون قد أوفيته حقه من
الطرح،
وكلي أمل أن أجد تعليقاتكم وإظافاتكم عليه لنستفيد جميعاً مما تختزنه
ذاكرتنا من معلومات وآراء عن الموضوع، أو حتى تعليق مخالف في الرأي،
فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.